الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
: هذه الكنيسة من أجلّ كنائس اليهود ويزعمون أنها تنسب لنبيّ الله إلياس عليه السلام وأنه ولد بها وكان يتعاهدها في طول إقامته بالأرض إلى أن رفعه الله إليه. إلياس: هو فينحاس بن العازر بن هارون عليه السلام ويقال الياسين بن ياسين عيزار بن هارون ويُقال هو إلياهو وهي عبرانية معناها قادر أزليّ وعرّب فقيل إلياس ويذكر أهل العلم من بني إسرائيل أنه ولد بمصر وخرج به أبوه العازر من مصر مع موسى عليه السلام وعمره نحو الثلاث سنين وأنه هو الخضر الذي وعده اللّه بالحياة وأنه لما خرج بلعام بن باعورا ليدعو على موسى صرف الله لسانه حتى يدعو على نفسه وقومه وكان من زنا بني إسرائيل بنساء الأمورانيين وأهل مواب ما كان فغضب اللّه تعالى عليهم وأوقع فيهم الوباء فمات منهم أربعة وعشرون ألفًا إلى أن هجم فينحاس هذا على خباء فيه رجل على امرأة يزني بها فنظمهما جميعًا برمحه وخرج وهو رافعهما وشهرهما غضبًا للّه فرحمهم الله سبحانه ورفع عنهم الوباء وكانت له أيضًا آثار مع نبي اللّه يوشع بن نون ولما مات يوشع قام من بعده فينحاس هذا هو وكالأب بن يوفنا فصار فينحاس إمامًا وكالأب يحكم بينهم وكانت الأحداث في بني إسرائيل فساح إلياس ولبس المسوح ولزم القفار وقد وعده اللّه عز وجل في التوراة بدوام السلامة فأوّل ذلك بعضهم بأنه لا يموت فامتدّ عمره إلى أن ملك يهوشا فاط بن أسا بن افيا بن رحبم بن سليمان بن داود عليهما السلام على سبط يهودا في بيت المقدس وملك أحؤب بن عمري على الأسباط من بني إسرائيل بمدينة شمرون المعروفة اليوم بنابلس وساءت سيرة أحؤب حتى زادت في القبح على جميع من مضى قبله من ملوك بني إسرائيل وكان أشدّهم كفرًا وأكثرهم ركونًا للمنكر بحيث أربى مْي الشرّ على أبيه وعلى سائر من تقدّمه وكانت له امرأة يقال لها سيصيال ابنة أشاعل ملك صيدا أكفر منه باللّه وأشدّ عتوًّا واستكبارًا فعبدا وثن بعل الذي قال اللّه فيه جل ذكره أتدعون بعلًا وتذرون أحسن الخالقين اللّه ربكم ورب آبائكم الأوّلين وأقاما له مذبحًا بمدينة شمرون فأرسل اللّه عز وجل إلى أحؤب عبده إلياس رسولًا لينهاه عن عبادة وثن بعل ويأمره بعبادة الله تعالى وحده وذلك قول اللّه عز وجل من قائل: " فأمره اللّه سبحانه أن يذهب ناحية الأردن فمكث هناك مختفيًا وقد منع اللّه قطر السماء حتى هلكت البهائم وغيرها فلم يزل إلياس مقيمًا في استتاره إلى أن جف ما كان عنده من الماء وفي طول إقامته كان اللّه جلّ جلاله يبعث إليه بغربان تحمل له الخبز واللحم. فلما جف ماؤه الذي كان يشرب منه لامتناع المطر أمره اللّه أن يسير إلى بعض مدائن صيدًا فخرج حتى وافي باب المدينة فإذا امرأة تحتطب فسألها ماء يشربه وخبزًا يأكله فأقسمت له أن ما عندها إلاّ مثل غرفة دقيق في إناء وشيء من زيت في جرّة وأنها تجمع الحطب لتقتات منه هي وابنها فبشرها إلياس عليه السلام وقال لها لا تجزعي وافعلي ما قلت لك واعملي لي خبزًا قليلًا قبل أن تعملي لنفسك ولولدك فإن الدقيق لا يعجز من الإناء ولا الزيت من الجرّة حتى ينزل المطر ففعلت ما أمرها به وأقام عندها فلم ينقص الدقيق ولا الزيت بعد ذلك إلى أن مات ولدها وجزعت عليه فسأل إلياس ربه تعالى فأحيى الولد وأمره اللّه أن يسير إلى أحؤب ملك بني إسرائيل لينزل المطر عند إخباره له بذلك فسار إليه وقال له: أجمع بني إسرائيل وأبناء بعال. فلما اجتمعوا قال لهم إلياس: إلى متى هذا الضلال إن كان الرب اللّه فاعبدوه وإن كان بعال هو اللّه فارجعوا بنا إليه وقال: ليقرّب كلّ منا قربانًا فأقرّب أنا للّه وقرّبوا أنتم لبعال فمن تُقبل منه قربانه ونزلت نار من السماء فأكلته فإلهه الذي يُعبد فلما رضوا بذلك أحضروا ثورين واختاروا أحدهما وذبحوه وصاروا ينادون عليه يال بعال يال بعال وإلياس يسخر بهم ويقول: لو رفعتم أصواتكم قليلًا فلعلّ إلهكم نائم أو مشغول وهم يصرخون ويجرحون أيديهم بالسكاكين ودماءهم تسيل. فلما أيسوا من أن تنزل النار وتأكل قربانهم دعا إلياس القوم إلى نفسه وأقام مذبحًا وذبح ثوره وجعله على المذبح وصبّ الماء فوقه ثلاث مرّات وجعل حول المذبح خندقًا محفورًا فلم يزل يصب الماء فوق اللحم حتى امتلأ الخندق من الماء وقام يدعو اللّه عزّ اسمه وقال في دعائه: اللهمّ أظهر لهذه الجماعة أنك الربّ وأني عبدك عامل بأمرك. فأنزل الله سبحانه نارًا من السماء أكلت القربان وحجارة المذبح التي كان فوقها اللحم وجميع الماء الذي صُبّ حوله. فسجد القوم أجمعون وقالوا نشهد أن الربّ اللّه. فقال إلياس: خذوا أبناء بعال فأخذوا وجيء بهم فذبحهم كلهم ذبحًا وقال لأحؤب انزل وكل واشرب فإن المطر نازل فنزل المطر على ما قال وكان الجهد قد اشتدّ لانقطاع المطر مدّة ثلاث سنين وأشهر وغَزُرَ المطر حتى لم يستطع أحؤب أن ينصرف لكثرته. فغضبت سيصيال امرأة أحؤب لقتل أبناء بعال وحلفت بآلهتها لتجعلنّ روح إلياس عوضهم ففزع إلياس وخرج إلى المفاوز وقد اغتم غمًا شديداَ فأرسل اللّه إليه ملكًا معه خبز ولحم وماء فأكل وشرب وقوّاه اللّه حتى مكث بعد هذه الأكلة أربعين يومًا لا يأكل ولا يشرب ثم جاءه الوحي بأن يمضي إلى دمشق فسار إليها وصحب اليسع بن شابات ويقال ابن حظور فصار تلميذ فخرج من أريحا ومعه اليسع حتى وقف على الأردن فنزع رداءه ولفه وضرب به ماء الأردن فافترق الماء عن جانبيه وصار طريقًا. فقال إلياس حينئذ لليسع اسأل ما شئت قبل أن يُحال بيني وبينك. فقال اليسع: أسأل أن يكون روحك في مضاعفًا. فقال: لقد سألت جسيمًا ولكن إن أبصرتني إذا رُفعت عنك يكون ما سألت وإن لم تُبصرني لم يكن. وبينما هما يتحدّثان إذ ظهر لهما كالنار فرّق بينهما ورفع إلياس إلى السماء واليسع ينظره. فانصرف وقام في النبوة مقام إلياس وكان رفع إلياس في زمن يهورام بن يهوشافاط وبين. وفاة موسى عليه السلام وبين آخر أيام يهورام خمسمائة وسبعون سنة ومدة نبوّة موسى عليه السلام أربعون سنة فعلى هذا يكون مدّة عمر إلياس من حين ولد بمصر إلى أن رفع بالأردن إلى السماء ستمائة سنة. وبضع سنين والذي عليه علماء أهل الكتاب وجماعة من علماء المسلمين أن إلياس حيّ لم يمت إلاّ أنهم اختلفوا فيه فقال بعضهم أنه هو فينحاس كما تقدّم ذكره ومنع هذا جماعة وقالوا هما اثنان واللّه أعلم. كنيسة المصاصة: هذه الكنيسة يُجلّها اليهود وهي بخط المصاصة من مدينة مصر ويزعمون أنها رُممت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وموضعها يُعرف بدرب الكرمة وبنيت في سنة خمس عشرة وثلاثمائة للإسكندر وذلك قبل الملة الإسلامية بنحو ستمائة وإحدى وعشرين سنة ويزعم اليهود أن هذه الكنيسة كانت مجلسًا لنبيّ اللّه إلياس. كنيسة الشاميين: هذه الكنيسة بخط قصر الشمع من مدينة مصر وهي قديمة مكتوب على بابها بالخط العبرانيّ حفرًا في الخشب أنها بنيت في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة للإسكندر وذلك قبل خراب بيت المقدس الخراب الثاني الذي خرّبه طيطش بنحو خمس وأربعين سنة وقبل الهجرة بنحو ستمائة سنة وبهذه الكنيسة نسخة من التوراة لا يختلفون في أنها كلها بخط عزرا النبيّ الذي يقال له بالعربية العزيز. كنيسة العراقيين: هذه الكنيسة أيضًا بخط قصر الشمع. كنيسة بالجودرية: هذه الكنيسة بحارة الجودرية من القاهرة وهي خراب منذ أحرق الخليفة الحاكم بأمر الله حارة الجودرية على اليهود كما تقدّم ذكر ذلك في الحارات فانظره. كنيسة القرّائين: هذه الكنيسة كان يُسلك إليها من تجاه باب سرّ المارستان المنصوريّ في حدرة ينتهي إليها بحارة زويلة وقد سُدّت الخوخة التي كانت هناك فصار لا يتوصل إليها إلاّ من كنيسة دار الحدرة: هذه الكنيسة بحارة زويلة في درب يعرف الآن بدرب الرايض وهي من كنائس. كنيسة الربانيين: هذه الكنيسة بحارة زويلة بدرب يِعرف الآن بدرب البنادين يُسلك منه إلى تجاه السبع قاعات وإلى سويقة المسعوديّ وغيرها وهي كنيسة تختص بالربانيين من اليهود. كنيسة ابن شميخ: هذه الكنيسة بجوار المدرسة العاشورية من حارة زويلة وهي مما يختص به طائفة القرّائين. كنيسة السمرة: هذه الكنيسة بحارة زويلة في خط درب ابن الكوراني تختص بالسمرة وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدثة في الإسلام بلا خلاف.
|